الْحُسَيْن الْحَافِظ الْكَبِير الْأَمَام أَبُو الْقَاسِم ثِقَة الدّين ابْن عَسَاكِر الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي صَاحب تَارِيخ دمشق أحد أَعْلَام الحَدِيث ولد مستهل سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي فِي الْحَادِي عشر من شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَسبعين وَخَمْسمِائة عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة وَسِتَّة أشهر وَعشرَة أَيَّام وَحضر جنَازَته بالميدان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف قَالَ الْعِمَاد وَكَانَ الْغَيْث احْتبسَ فِي هَذِه السّنة فدر عِنْدَمَا رفعت جنَازَته فَكَأَن السَّمَاء بَكت عَلَيْهِ بدمع وبلها وطشه أَخُوهُ الصائن هبة الله سنة خمس وَخَمْسمِائة وَسمع هُوَ بِنَفسِهِ الْكثير ورحل وطوف الْبِلَاد إِلَى خُرَاسَان بَقِي فِي رحلته أَربع سِنِين وعدة شُيُوخه ألف وثلاثمائة شيخ وَثَمَانُونَ امْرَأَة ونيف وَحدث بأصبهان وخراسان وبغداد وَسمع مِنْهُ الْكِبَار مِمَّن هُوَ أسن مِنْهُ ورحل إِلَى الْعرَاق سنة عشْرين وَخَمْسمِائة وَحج سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسمع بِمَكَّة وَمنى وَالْمَدينَة والكوفة وأصبهان الْقَدِيمَة واليهودية ومرو الشاهجان ونيسابور وهراة وسرخس وأبيورد وطوس وبسطام والري وزنجان وبلادا كَثِيرَة بالعراق وخراسان والجزيرة وَالشَّام والحجاز وروى عَنهُ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ فَأكْثر وروى هُوَ عَنهُ وَسمع بِبَغْدَاد الدَّرْس بالنظامية وعلق مسَائِل الْخلاف على الشَّيْخ أبي سعد إِسْمَاعِيل بن أبي صَالح الكرمان وانتفع بِصُحْبَة جده أبي الْفضل فِي النَّحْو وَجمع وصنف فَمن ذَلِك كتاب تَارِيخ دمشق وأخبارها وأخبار من حلهَا أَو وردهَا فِي خَمْسمِائَة وسعبين جُزْءا من تجزئة الأَصْل وَالنُّسْخَة الجديدة ثَمَانمِائَة جُزْء قَالَ ابْن خلكان قَالَ لي شَيخنَا الْعَلامَة زكي الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الْعَظِيم الْمُنْذِرِيّ حَافظ مصر رَحمَه الله تَعَالَى وَقد جرى ذكر هَذَا التَّارِيخ وَأخرج لي مِنْهُ مجلدا وَطَالَ الحَدِيث فِي أمره واستعظامه مَا أَظن هَذَا الرجل إِلَّا أَنه عزم على وضع هَذَا التَّارِيخ من يَوْم عقل على نَفسه وَشرع فِي الْجمع من ذَلِك الْوَقْت وَإِلَّا فالعمر يقصر عَن أَن يجمع الْإِنْسَان فِيهِ مثل هَذَا الْكتاب بعد الِاشْتِغَال والتنبه وَلَقَد قَالَ الْحق وَمن وقف عَلَيْهِ عرف حَقِيقَة هَذَا القَوْل وَمَتى يَتَّسِع للْإنْسَان الْوَقْت حَتَّى يضع مثله وَهَذَا الَّذِي ظهر هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ وَمَا صَحَّ لَهُ هَذَا إِلَّا بعد مسودات مَا يكَاد يَنْضَبِط حصرها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015