واستدعى مَحْمُود أَبَا نصر وَقَالَ أَنْت أَشرت عَليّ بتولية هَذَا الرجل وَلَا أعرفهُ إِلَّا مِنْك وَمَتى لم تفرغ بالي مِنْهُ قتلتك وألحقت بك من بَيْنك وَبَينه حرمةٌ فَقَالَ لَهُ مرني بِأَمْر أمتثله قَالَ تمْضِي إِلَيْهِ وَفِي صحبتك ثَلَاثُونَ فَارِسًا فَإِذا قاربته عرفه بحضورك فَإِنَّهُ يلتقيك فَإِذا حضر وسألك النُّزُول عِنْده وَالْأكل مَعَه فَامْتنعَ وَقل لَهُ أَنِّي حلفتك أَن لَا تَأْكُل زَاده وَلَا تحضر مَجْلِسه حَتَّى يطيعك فِي الْحُضُور عِنْدِي وطاوله فِي المخاطبة حَتَّى تقَارب الظّهْر ثمَّ أدعِ أَنَّك جعت وَأخرج هَاتين الخشكنانجين فَكل أَنْت هَذِه وأطعمه هَذِه فَإِذا استوفى أكلهَا عجل الرُّجُوع إِلَيّ فَإِن منيته فِيهَا فَفعل مَا أمره بِهِ وَلما أكلهَا الخفاجي رَجَعَ أَبُو نصر إِلَى حلب وَرجع الخفاجي عزاز وَلما اسْتَقر بهَا وجد مغصاً شَدِيدا ورعدةً مزعجةً ثمَّ قَالَ قتلني وَالله أخي أَبُو النَّصْر ثمَّ أَمر بالركوب خَلفه ورده ففاتهم وَوصل إِلَى حلب وَأصْبح من الْغَد عِنْد مَحْمُود فَجَاءَهُ من عزاز من أخبرهُ أَن الخفاجي فِي السِّيَاق وَمَات وحُمل إِلَى حلب وللخفاجي من التصانيف كتاب سر الفصاحة كتاب الصرفة كتاب الحكم بَين النّظم والنثر صَغِير كتاب عبارَة الْمُتَكَلِّمين فِي أصُول الدّين كتاب فِي رُؤْيَة الْهلَال كتاب حكم منثورة كتاب الْعرُوض مجدول وَمن شعره من الوافر)
(وَقَالُوا قد تَغَيَّرت اللَّيَالِي ... وضيعت الْمنَازل والحقوق)
(فأقسم مَا استجد الدَّهْر خلقا ... وَلَا عدوانه إِلَّا عَتيق)
(أَلَيْسَ يرد عَن فدكٍ عليٌ ... وَيملك أَكثر الدُّنْيَا عَتيق)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(بقيت وَقد شطت بكم النَّوَى ... وَمَا كنت أخْشَى أنني بعدكم أبقى)
(وعلمتموني كَيفَ أَصْبِر عَنْكُم ... وأطلب من رق الغرام بكم عتقا)
(فَمَا قلت يَوْمًا للبكاء عَلَيْكُم ... رويداً وَلَا للشوق نحوكم رفقا)
(وَمَا الْحبّ إِلَّا أَن أعد قبيحكم ... أَلِي جميلاً والقلى مِنْكُم عشقا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(هَل تَسْمَعُونَ شكايةً من عَاتب ... أَو تقبلون إنابةً من تائب)
(أم كلما يَتْلُو الصّديق عَلَيْكُم ... فِي جانبٍ وقلوبكم فِي جَانب)
(أما الوشاة فقد أَصَابُوا عنْدكُمْ ... سوقاً تنْفق كل قولٍ كَاذِب)
(فمللتم من صابرٍ ورقدتم ... عَن ساهرٍ وزهدتم فِي رَاغِب)