فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ [آل عمران: 195] (?).

3 - أهمية معرفة أسباب النزول:

تظهر أهمية معرفة أسباب النزول في توضيح معاني الآيات، ومعرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم، كما أن هناك أبحاثا في أصول الفقه استندت على معرفة سبب النزول، أو أفادت منها، مثل: (خصوص السبب) و (عموم اللفظ). وقد ذهب الواحدي في كتابه (أسباب النزول) (?) إلى أن: أسباب النزول أول ما يجب الوقوف عليه، وأول ما تصرف العناية إليه، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها. وقال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن. وقال ابن تيمية: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب.

ونذكر هنا مثالين للدلالة على أهمية العلم بأسباب النزول:

المثال الأول: قول الله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 115].

إذ قد يفهم من الآية أن يتوجه المصلي في صلاته إلى أي جهة يشاء، وأنه لا يجب عليه أن يولّي وجهه شطر المسجد الحرام، ويستوي في ذلك المسافر والمقيم. ولكننا عند ما نعرف سبب النزول لهذه الآية يظهر لنا أنها تقتصر على أحوال معينة، وليست حكما عاما يعفي من التوجّه إلى المسجد الحرام؛ فقد روى البخاري ومسلم، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنها نزلت في صلاة المسافر النفل على الراحلة أينما توجّهت (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015