أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق ... حتى بلغ: ما لم يعلم) فرجع بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ترجف بوادره» (?).
أن أوّل ما نزل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ويستند هذا القول إلى
حديث رواه البخاري ومسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أيّ القرآن أنزل قبل؟ فقال: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ فقلت: أو اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ. فقال: أحدثكم ما حدثنا به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إني جاورت بحراء، فلما قضيت جواري نزلت، فاستبطنت الوادي، فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي، ثم نظرت إلى السماء فإذا هو- يعني جبريل- جالس على عرش بين السماء والأرض فأخذتني رجفة فأتيت خديجة، فأمرتهم فدثروني، فأنزل الله يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ (?).
والمعروف أن هذه الآية نزلت بعد فترة الوحي، فكانت أول ما نزل على الرسول بعدها. فلعل جابرا سمع من الرسول حديثه عن أول ما نزل عليه من القرآن بعد فترة الوحي فاعتبر ذلك أول ما نزل على الإطلاق. وأنه- رضي الله عنه- استخرج ذلك باجتهاده، وليس هو من روايته فيقدم عليه ما روته عائشة (?).