عليها في سبيل الله، فأتيته فقلت: يا رسول الله، رجل أهدى إليّ قوسا ممن كنت أعلّمه الكتاب والقرآن، وليست لي بمال فأرمي عليها في سبيل الله؟ فقال: «إن كنت تحبّ أن تطوّق طوقا من نار فاقبلها» (?).
وما رواه الإمام أحمد والبزار: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به» (?).
وفي حاشية العلامة ابن عابدين (رد المحتار على الدر المختار): (أن أصول المذهب تقتضي أن الإجارة على الطاعات غير صحيحة؛ لأنّ كلّ طاعة يختص بها المسلم لا يصح الاستئجار عليها؛ ولأن كل قربة تقع من العامل إنما تقع عنه لا عن غيره، فلو لم يكن أهلا لأدائها لا تقع منه، فلا يصح له أن يأخذ عليها أجرا من غيره).
ولكن المتأخرين من الحنفية أفتوا بجواز أخذ الأجرة على بعض الطاعات للضرورة، فأجازوا أخذ الأجرة على تعليم القرآن، خوفا من ضياعه، ومثله تعليم الفقه وغيره من العلوم الشرعية حتى لا يبقى الناس جهّالا في دينهم، وكذا أجازوا أخذ الأجرة على الأذان، والإمامة، والخطابة، والتدريس، والوعظ، خوفا من تعطيلها. أما قراءة القرآن على المقابر وفي الولائم والمآتم، فإنه لا يصحّ الاستئجار عليها إذ لا ضرورة تدعو إليها.
والذي ترتاح إليه نفس المؤمن عدم اتخاذ قراءة القرآن وسيلة للتكسب أو للتسول، وعدم قراءته من غير اتعاظ أو خشية، كما يحصل في بعض مجالس الولائم والمآتم، حيث يتأوّه الناس أو يطربون لصوت القارئ، دون تدبّر أو فهم