التفسير فإنه قائم على الإيضاح كما قلنا، سواء أكان هذا الإيضاح بطريق إجمالي أو تفصيلي. متناولا كافة المعاني والمقاصد أو مقتصرا على بعضها دون بعض طوعا للظروف التي يخضع لها المفسر ومن يفسر لهم.
أن الترجمة تتضمن- عرفا- دعوى الاطمئنان إلى أن جميع المعاني والمقاصد التي نقلها المترجم، هي مدلول كلام الأصل وأنها مرادة لصاحب الأصل منه.
والتفسير ليس كذلك، بل المفسر تارة يدعي الاطمئنان إذا توفرت لديه أدلته، وتارة لا يدعيه، وذلك عند ما تعوزه تلك الأدلة. ثم هو أحيانا يصرح بالاحتمال ويذكر وجوها محتملة مرجحا بعضها على بعض، وأحيانا يسكت عن التصريح أو عن الترجيح، وقد يبلغ به الأمر أن يعلن عجزه عن فهم كلمة أو جملة ويقول: ربّ الكلام أعلم
بمراده، على نحو ما نحفظه للكثير من المفسرين إذا عرضوا لمتشابهات القرآن ولفواتح السور المعروفة.
والدليل على أن الترجمة تتضمن دعوى الاطمئنان إلى ما حوت من معان ومقاصد: أن الناس يحلون الترجمات محل أصولها، ويستغنون بها عن تلك الأصول، بل قد ينسون هذه الأصول جملة.
وهذا لا يمكن أن يقع مثله في التفسير، لأنه بيان لا يمكن أن يقوم مقام المبين، ولا يدعى فيه الاطمئنان إلى أنه واف بجميع أغراضه ومعانيه.