ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم» «1».
وهذا الوليد بن المغيرة، وهو كافر يظهر العداوة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصف القرآن الكريم وصفا دقيقا وصادقا يشهد بفضل كلام الله وعظمته وتميزه عن كلام المخلوقين؛ أخرج الحاكم في المستدرك والبيهقي في دلائل النبوة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن الوليد بن المغيرة المخزوميّ، وهو أحد رؤساء قريش، جاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقرأ عليه القرآن. فكأنّه رقّ له، وقال: يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة- يعني محمدا صلّى الله عليه وسلّم- فو الله ما هو بشعر، ولا سحر، ولا بهمز من الجنون، وإنّ قوله لمن كلام الله. فلما سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا وقالوا:
والله لئن صبأ الوليد لتصبون قريش. فلما سمع بذلك أبو جهل بن هشام قال: أنا والله أكفيكم شأنه، فانطلق حتى دخل عليه بيته فقال: يا عمّ، إنّ قومك يريدون أن يجمعوا
لك مالا ليعطوكه، فإنك أتيت محمدا لتعرض لما قبله. قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالا. قال: فقل فيه قولا يبلغ قريشا أنك تنكر له.
فقال: وماذا أقول؟ فو الله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني، لا برجزه ولا بقصيده، ولا بأشعار الجنّ. والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئا من هذا. والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى عليه. فقال أبو جهل: والله ما يرضى عنك قومك حتى تقول فيه قولا. قال: فدعني أفكر، فلما فكّر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره عن غيره. فخرج على قومه بهذا القول الآثم، فأنزل الله فيه قوله تعالى:
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ