هذا وإن القرآن الكريم كثيرا ما ينصّ على هذا الغرض في مقدمات بعض القصص أو في ذيولها، ومن أمثلة ذلك:
قوله تعالى في مقدمة قصّة يوسف عليه السلام: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ [يوسف: 3].
وقوله تعالى بعد قصة نوح عليه السلام: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود: 49].
من الأغراض الهامة للقصّة القرآنية التنبيه على أن الدين السماوي الذي بعث الله به الأنبياء والمرسلين واحد، وأنّ جميع الشرائع المنزلة- بأصالتها- لا تعارض فيها ولا اختلاف. وتحقيقا لهذا الغرض نجد القرآن الكريم يورد قصص عدد من الأنبياء مجتمعة في سورة واحدة، وربما تكرّر مجيء هذه القصص على هذا النحو (?)، كلّ ذلك بغرض تأييد هذه الحقيقة وتثبيتها في الأذهان وتوكيدها في النفوس، ولذا نجد القرآن يصرّح بهذا الغرض أحيانا. ومثال ذلك ما جاء في سورة الأنبياء- بعد ذكر قصص عدد منهم- من قوله تعالى: إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 92].
ومن أغراض القصّة القرآنية أن تشدّ الناس إلى غابر الأزمان، ليلقوا نظرة على من سبقهم من الأمم، ويستعرضوا في مخيلتهم شريطا: يصوّر لهم موقف أولئك الأجيال وما آل إليه حالهم، فيأخذوا العبرة من واقعهم، ويتعظوا من عاقبة أمرهم، ويروا بعقولهم ويتحسّسوا بمشاعرهم نتيجة العناد والاستكبار عن الحقّ الذي يتولّاه الله بعنايته، ويدفع عنه ببالغ بطشه وجبروته، فيضع هؤلاء المخاطبون في حسابهم