محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه قد بلّغ ما أنزل إليه من ربّه، وإذا كان كذلك فكلّ ما جاء في القرآن من خبر فهو صادق، وإذا كان صادقا فلا بد أن يكون مطابقا للواقع.
ب- القرآن حجّة الله على خلقه جملة وتفصيلا، وإطلاقا وعموما، وهذا يأبى أن يحكى فيه ما ليس بحقّ ثم لا ينبّه عليه، فكلّ ما ورد فيه على وجه الإخبار فهو حقّ موافق للواقع.
ج- ما جاء في القرآن من قصص إنما هو كلام ربّ العزة، أوحى به إلى الرسول الأكرم ليكون مأخذ عبرة، أو موضع قدوة، أو مجلاة حكمة، وما كان كذلك لا يكون إلا حقّا من صميم الواقع.
كل هذه الأدلة- وغيرها كثير- تبرهن على أن القصة القرآنية حقيقة تاريخية لا تحوم حولها شبهة. ولذا فقد اعتبرها المتقدّمون والمتأخرون من المؤرخين عمدة رصينة في كلّ ما كتبوه من أبحاث تاريخية، سواء كانت تتعلق بحوادث حاضرة وقت نزوله، أم تتعلّق بحوادث الأمم الغابرة. ولقد كانوا على بيّنة من أمرهم في ذلك إذ إن القرآن أصحّ مصدر عرفه التاريخ في هذا المجال، يشهد بذلك أن الباحثين- على اختلاف مذاهبهم ونحلهم- اعتمدوا القرآن أوّل وثيقة تاريخية تعرف بها أحداث الجزيرة العربية وأوضاعها في صدر الإسلام، وإذا كان كذلك فما هو عمدة في حقبة هو عمدة في كل الحقب. ويشهد لذلك أن التاريخ والمؤرخين عاجزون عن أن يأتوا برواية قريبة أو بعيدة تعارض ما جاء به القرآن من أخبار، وإذا ثبت هذا فلا يلتفت إلى الهراء الذي يطلقه البعض، مما لا تقوم عليه أثارة من دليل عقلي أو نقلي، إلا الحقد على الإسلام والكيد لدعوته.
وبعد فإنا نقول: بعد ما ثبت الدليل على أن القرآن كلام الله المنزل فإن التاريخ هو الذي يستمدّ قوّته من حديث القرآن وأخباره، وليس القرآن يستمدّ قوّته من