يبق لها وجود بين دفتي المصحف ولا على ألسنة القراء، ولا تجوز بها الصلاة، ولا يتعبّد بتلاوتها.
بالغ بعض الكتّاب ممن تصدوا لدراسة الناسخ والمنسوخ، فعدّوا أيّ زيادة للبيان أو التقييد تجيء في إحدى الآيات؛ ناسخة للآية التي ورد فيها الحكم بلفظ العموم أو الإطلاق، ورفض علماء الأصول اعتداد هذا نسخا، واعتبروا بيان العموم أو تقييد المطلق من قبيل التفصيلات التي توضّح الحكم. ويذكر الزركشي أمثلة عن مغالاة بعض
العلماء في القول بفكرة النسخ، فيقول: ومن ظريف ما حكي في كتاب هبة الله بن سلّام الضرير: أنه قال في قوله تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً [الإنسان: 8]. منسوخ من هذه الجملة وَأَسِيراً والمراد بذلك أسير المشركين، فقرئ الكتاب عليه وابنته تسمع، فلما انتهى إلى هذا الموضع قالت: أخطأت يا أبت! في هذا الكتاب! فقال لها: وكيف يا بنية؟! قالت: أجمع المسلمون على أن الأسير يطعم ولا يقتل جوعا (?)! والحقّ أنّ النسخ لا بد فيه من نقل صحيح وصريح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو عن صحابي يقول: آية كذا نسخت آية كذا. أو يحكم به عند وجود التعارض المقطوع به، مع علم التاريخ؛ ليعرف المتقدم والمتأخر.
والأصل في الآيات القرآنية كلها الإحكام لا النسخ، وقد حصر العلماء القول بالنسخ في آيات معدودة، حدّدها السيوطي بتسع عشرة آية (?).