4 - أخرج الدارمي عن سليمان بن يسار: أن رجلا يقال له ابن صبيغ (?) قدم المدينة المنوّرة فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر وقد أعدّ له عراجين النخل، فقال له: من أنت؟ قال: أنا عبد الله بن صبيغ، فأخذ عمر عرجونا فضربه حتى دمّى رأسه. وجاء في رواية أخرى فضربه حتى ترك في ظهره دبرة، ثم تركه حتى برأ، ثم عاد، ثم تركه حتى برأ، فدعا به ليعود فقال: إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلا جميلا، فأذن له أن يعود إلى أرضه، وكتب إلى أبي موسى الأشعري ألا يجالسه أحد من المسلمين (?).
والدّبرة بفتحات ثلاث هي قرحة الدابة، والمراد هنا أنّه صيّر في ظهره من الضرب جرحا داميا كأنه قرحة في دابة.
ورضي الله تعالى عن عمر فإن هذا الأثر يدلّ على أن ابن صبيغ فتح أو حاول أن يفتح باب فتنة بتتبعه متشابهات القرآن، يكثر الكلام فيها، ويسأل الناس عنها، فأغلقه رضي الله عنه بتأديبه.
5 - سئل مالك- وقبله أم سلمة رضي الله عنها- عن قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [طه: 5]. فغضب واحمرّ وجهه ثم قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة، وأظنك رجل سوء، أخرجوه عني (?).
فأخرجوه من المسجد. قال الزرقاني: يريد رحمه الله تعالى أن الاستواء معلوم الظاهر بحسب ما تدلّ عليه الأوضاع اللغوية، ولكن هذا الظاهر غير مراد قطعا، لأنه يستلزم التشبيه المحال على الله تعالى بالدليل القاطع، مثل قوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11]