والضربُ الثاني (?): أن يقولَ بموجبهِ في الوضعِ الذي احتجَّ به، وذلك مثل أن يستدل الشافعيُّ في العفوِ عن (?)، القِصاص إلى الدية من غير مصالحةٍ ولا رضا من الجاني بقولِه تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178]، والعفوُ هو الصفحُ والتركُ، فيقول الحنفي: أنا قائل بموجبهِ، والعفو هاهنا هو البذل، ومعناة: إذا بذلَ الجاني للولي الديةَ، اتبعَ بالمعروفِ. فيسلك الشافعى الترجيح، وأن العفوَ في الإِسقاطِ أظهر، فإنَ ورودَها في الإسقاطِ أكثر، ومعناها بالإِسقاط ألحق وأشبهُ. وذلك في عرفِ القرآن والتخاطب، فإنَها لم تَرِد إلا للإِسقاط: {واعف عَنا} [البقرة: 286]، {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43]، {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155]، وقرنَ العفوَ بالغفران فقال: {وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 99]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الخضروات: "عَفوّ، عفا الله عنها أو عنه" (?).
ويسلك مسلكاً ثانياً إن وجدَ من ساقَ الآيةَ وأمثالَها، مما يؤكد أحدَ الوضعينِ فيها على الوضعِ الآخرِ، فإن قويَ الوضع لما أراده السائل