يَجتهِدُ تارةً، وينتظِرُ الوحيَ تارةً، لم يَخرُجْ إمساكُه عن الِإنكارِ للأقوالِ والأفعالِ عن كونه حُجَّةً مُتَبَعةً، وسُنَّةً محتجاً بها، على أن القومَ لم يكونوا لِيمسكُوا عن لائحِ اعتراضٍ عليه - صلى الله عليه وسلم -، وعلى (?) أئِمتهم ومُتقَدميهم في العلوم؛ طلباً لإِثارة الفائدةِ، وعِلْمِ ما لم يَعْلموا، والنبيُّ [- صلى الله عليه وسلم -]، يُقِرُّهم على اعتراضهم وُيجيبُهم، وكذلك المُتقدَمون من الأئمَّةِ والخلفاءِ.
فأمَّا اعتراضُهم على النبي - صلى الله عليه وسلم -: فقولُهم: ما بالُنا نَقصُرُ وقد أَمنَا؟ واللهُ تعالى يقولُ: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101] , فلم تقُلْ: ليس لكم الاعتراضُ، بل أنتم مأخوذونَ بالاتباع من غيرِ سؤال، بل قال لهم: "صدقةٌ تصَدَّقَ الله بها عليكم، فاقْبَلُواَ صدقَته" (?).
وقالوا له في فَسْخِ الحجِّ: أمَرْتَنا بالفسخ ولم تفسخْ؟ فقال: "لو استَقْبلتُ من أمرِي ما اسْتَدبَرتُ، لما سُقْتُ الهَدْيَ، ولَجعلْتُها عُمرةً، لكنَي سُقْتُ هَدْيِي، ولَبدْتُ رأسي، فلا أحِلُّ حتى أَنْحَرَ" (2).
وقالوا له: نَهَيْتَنا عن الوصال وواصَلْتَ، فقال: "لستُ كأحدِكم،