ضَرَبَ، ومن لا يعرفُ الأصلَ لا يعرفُ المصرَّفَ منه، وما هذا إِلا بمثابةِ من حَدَّ السوادَ بما سَودَ الجسمَ، ونحن لم نَعْلَمْ سواداً، فكيف نعرفهُ بما صُرفَ منه؟!

ومن قال: معرفةُ الشيءِ. معترَض بأنه يَخرجُ منه العلمُ بالمعدومِ، فإنه علمٌ، وليس بمعرفةٍ بشيءٍ، وإن بناه على ذلك الأصلِ، فهو فاسدٌ بالأدلة القاطعةِ في أصول الدِّينِ. ولو كان ذاتاً في العدَم، لكان مُستغنِياً بذاته عن القديمِ، وهذا نفسُ القولِ بقِدَم العالَمَ، وموافقةٌ لأصحابِ الهوى، فهَذان حدَّان متقاربان معترَضان.

وقال قوم: تَبَيُّنُ المعلوم على ماهو به (?). والحدُ للحقيقةِ ينتظمُها شاهداً وغائباً، واللهُ سبحانه يَتعالى عن أن يوصفَ بأنه متبيِّنٌ، لِمَا في طبعِ هذه الكلمةِ وجوهرها من العثورِ على الشَّيءِ بعد خفائِه، والظهورِ بعد استبهامِه، وهو بالعثورِ بعد الخفاءِ أخصُّ منه بالمعرفة المطلقةِ.

وقال قومٌ: اعتقادُ الشَيءِ على ما هو به مع سكونِ النفسِ إلى معتقَدهِ (?). واعْتُرضَ بأن ما تعتقدُه العامةُ من الجهالاتِ، وتَسْكُنُ إليه من التقاليدِ ليست علوماً، وسكونها إلى ما تعتقدهُ تَبْعُدُ إزالتهُ بالتشكيك فيه بأنواعِ الحُججِ والبراهينِ، فضلًا عن الإزاحةِ عنه، وقولهُم: الشَيء. قد أفسَدْناه واعْتَرَضْناه بما دل على إفساد مقالةِ أهلِ المعدومَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015