- لا بد في المعارضة من تسوية

يجبُ من أنه قد خلا من الحوادثِ أنه قديمٌ بالضرورةِ، كما وجبَ في الأولَ.

فصل

وكل معارضةٍ فلا بُدَّ فيها من تسويةٍ، إلا أن التسويةَ قد تَظهرُ باقتضاءِ العقلِ، وذلك مثلُ أن تقولَ: إن جازَ أن يكونَ القارُ أسودَ لا بسوادٍ، جاز أن يكونَ الآبِنُوسُ (?) أو السَّبَجُ (?) أسودَ (?) لا بسواد.

ومثلُ قولِك: إن جازَ في بابٍ أن يكونَ باباً بعد أن لم يكن باباً من غيرِ صانعٍ جعلَه باباً، جازَ في دولابِ أن يكونَ دولاباً من غيرِ صانع، أو باباً آخرَ من غيرِ صانعٍ جعلَه بَاباً.

فأمَّا ما يظهرُ من التسويةِ فيه من طريقِ اقتضاءِ العقلِ لا بضرورةِ العقلِ، لكن يظهرُ باقتضائِه عند الفِكْر، مثلُ أن تقولَ: إن جازَ أن يكونَ تَرْكُ الإِيمانِ ليس بقبيحٍ، جاز أن يكونَ الكفرُ ليس بقبيحٍ، وهذا إذا تُؤمل ظهرَ، وكل ذلك قد سَوَّى العقلُ فيه بين الشيئين من جهةِ أنه إن صحَّ أحدُهما صحَّ الاَخرُ، وإن لم يصح الآخرُ لم يصح الأولُ، فتأمل التسويةَ، وصَحَّحِ المقابلةَ، يظهرْ لك عِلْمُ ما تطلبُ علمَه، وما تحتاجُ إليه من ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015