منه: كلُّ مصمنوعٍ لابُدَّ له من صانعٍ.
فإن قال: هذه الكتابة لا تكون إلا من عالمٍ بها؛ لأنها محكمَةٌ متقَنةٌ، لزمَ منه: فكل محكمٍ متقَنٍ لا يكونُ إلا من عالمٍ.
فأمَّا المنقولة إلى كلُّ مخصوصٍ لكونها خاصَّةً: قول القائل: هذا الحمار فارِةٌ (?)؛ لأنه جرى عَشَرَةَ فراسخَ، لَزِمَ منه: أن كلُّ حمارٍ جرى عشرَة فراسخَ فهو فارهٌ، ولا يلزمُ منه أن البعيرَ إذا جرى عشرةَ فراسخَ، أو الفرسَ إذا جرى عشرةَ فراسخَ فهو فارِهٌ.
بل لو قال: بَهيمَةٌ جرى، أو هذا البهيمةُ جرى عشرةَ فراسخَ فهو فارِه. لزمَ أن كلَّ فرسٍ وبعيرٍ جرى عشرةَ فراسخَ فهو فارِةٌ.
وفي الفروعيَّاتِ: لو قال: هذا الماء متغيِّرٌ فلا يجوزُ الوضؤُ به، لزمَ منه: أنه لا يجوز الوضؤ بالمتغيِّرِ بالطحْلُب (?) والتراب. ولو قال: هذا الماءُ متغيِّرٌ بالخَلِّ فليس بطَهورٍ. لزمَ منهَ أن يكونَ كلُّ ما تغيَّرَ بالخَلِّ فليسر، بطَهورٍ، ولا يلزم منه (?): الماءُ المتغيِّرُ بالتراب ليس بطهورٍ.
وعلى ذلك أبداً لوجوبِ إجراء العِلَّةِ في معلولِها، والله أعلم.