عند قيامِ الحركةِ في الجسم، مما يدلُ على أن التأليفَ ليس بعلَّةٍ؟ وإلا فخَبِّرونا عن قولِكم في سفينةٍ وضعنا فيها كُرَّاً (?) فلم تَغرقْ، فوُضِعَ فيها قَفِيزٌ (?) فغَرِقَتْ، أليس إنما غَرَّقَها الجميعُ وقد كان بعضُه فيها قبل الغرقِ؟ وهذا يدلُّ على أن الشيءَ يَحدثُ لعلَّتين، فإذا وُجِدَتْ إحداهما لم يَحدثْ.
قيل: الجوابُ عن هذا من وجهين:
ومتى رفعْناه وفرَّفنا بينه وبين جملتِه، جازَ لنا أن نقولَ: هو هذا، وكذا إذا قلت: الدَّراهمُ تزيدُ درهماً على عشرين، لم يكن ذلك الدِّرهمُ معلوماً بعينه إلا أن نُقَدِّرَه زائداً، فإن عدَدْتَها واستوفَيْتَ عددَها الأوَّلَ، فكان الذي يبقى هو الزائدَ، ولو كان غيرُه هو الباقيَ كان أيضاً هو الزائدَ، ولا يجوزُ من أجلِ هذا أن نقولَ: الدَّراهمُ يزيدُ عددَها درهمٌ، ولو ساغَ هذا لكانت كلُّها زائدةً على عددِها نفسِه؛ لأن كلَّ واحدٍ منها يجوزُ أن يَحُلَّ هذا المَحَلَّ، فكذا لا يقالُ في الأرطال (?): رطلان مغرِقان (?)، لأن التغريقَ قد يقعُ على رِطْلين واحدٍ بعد واحدٍ؛ لأن التقديرَ الأوَّلَ إذا نَقَصَ كانت الشريطةُ في نَقْصِه أن لا يُتكلَّمَ على أنه كان وقَع؛ لأن نقصَه إبطالُه الْبَتَةَ، وأنت تُقَدِّرُ الرَّطلَ الأخيرَ إذا جعلتَه