مؤلَّفٌ؛ لأنك لم تَعْقِلْ جسماً ولا فاعلًا إلا مؤلفاً.
فصل
واعلم أن المطالبةَ بطَرْدِ (?) العلَّةِ لا تكونُ طعناً في الجواب عن كيفيةِ البرهانِ إلا أن تكونَ مُضْطَرَّةً للمجيب عند مرورِه مع علَّتِه إلى نقضِه، وليس تكونُ مضطرةً إلى، ذلك إلا إذا ألزمته قولًا لا ملاءمة بينه وبين جوابِه في المَبْدأ، فيرجعُ عن جوابه خوفاً من ذلك القولِ وضَنّاً بمذهبه في تركه، وإنما تكون، كذلك إذا ألزمته نقضَ الحِسِّ الذي ينتقضُ بانتقاضِه كل جوابِ وكلُّ حقيقةٍ، أو إلجاؤه إلى نقضه قبل أن يبلغَ إلى علوم الحِسِّ، فلمَ يجد بُدَّاً من تَرْكِ كلِّ ما يعتقدُه، والإِقدام على كلِّ ما يكرهُه من النَّقْضِ.
مثالُ تمسُّكِه بمذهبه المفضي به إلى الخروج عن مذهبه: أن يُقالَ له: إذا كان الغائب جسماً وهو قديمٌ، فما تُنكرُ أن يكونَ مؤلَّفاً وهو قديمٌ؟ فيستمرُّ على الِإصرارِ على المذهب ضِنَّةً به، فيقول: لا أنكرُ ذلك، فيقالُ: فقد نَفَيْتَ الحَدثَ عن الأجسام، وقلتَ بقول أهلِ الدَّهْرِ، فأوجبَ ذلك عليك غَناءَ الأجسامِ عن صانعٍ؛ لأن القديمَ لا يحتاجُ إلى صانعٍ.
واعلم أنك إذا سلكْتَ هذا، وعلمْتَ أن السؤالَ والجوابَ لا يخرجان عن هذه الأقسامِ، ولا يَتوجَّهان إلا على هذه الوجوهِ، فلا تلتمسْها من غيرها، واصرفْ فكرَك في طلبها، فإنك إذا عرفت المَطْلَبَ