دليلِ المذهبِ.
فإن قال المجيبُ: إنه لا يتجزَّأُ، والدليلُ على ذلك: أنه يصحُ أن ينتفيَ ما فيه من التَأليفِ والاجتماعِ، كان قد أتى بجواب محدَّدٍ، إلا أنه أتْبَعَه بإخبارٍ عما لم يُسأل عنه، لا أنه خلَطَه به، والإِتباعُ بجوابِ ما لم يُسألْ عنه كالخلط بما لم يُسألْ عنه، ثم إنه أتى بما ليس فيه شُبْهةٌ، ولو قال: الدليلُ على ذلك: أنه لا يَصِح أن ينتفيَ كلُّ ما فيه من الاجتماع، لكان قد أتى بشبهةٍ، ولكنْ جاءَ بما لم يُسْأَلْ عنه.
فإن قال السائلُ: ما مذهبُك في الجزء؟ فقال المجيبُ: الجزءُ لا يتجزَّأُ، فلم يأتِ بجوابٍ محدَّدٍ مِن قِبَلِ أنه لم يأتِ بما يَصلح أن يكونَ محمولًا على المَذهب بحملٍ ما؛ إذ كان لا يصحّ: مذهبي الجزءُ لا يتجزأُ، ويصح: مذهبى أنَ الجزءَ لا يَتجزَأُ.
فإن قال السائلُ: ما مذهبك في الجزء؛ فقال المجيبُ: قد ثبتَ أن الجزءَ لا يتجزَّأُ. فلم يأتِ لي بجواب محدَّدٍ؛ لأن جوابَ ما، إنما هو بالجِنْسِ وما جَرَى مَجْرى الجنسِ من الصِّفات، فلو قال بدلَ قد ثبتَ: ثابتٌ. لكان محدَّداً؛ لان ثابتاً من الصفات التي تقومُ مَقَامَ الجنسَ.
فإن قال السائلُ: ما الدليل على أن الجسمَ ينتهي إلى جزءٍ لا يتجزَّأُ؟ فقال المجيبُ: التألف الذي فيه. فجوابُه محدَّدٌ؛ لأن في التأليفِ اقتضاءً بصحَةِ الحكمِ، ولو كان قال: عَرَضٌ فيه، لم يكن جوابُه محدَّداً؛ لأنه ليس في حلولِ عَرَضٍ فيه ما يقتضي تناهيه، وأنه لا يتجزَّأُ أبداً.