فإن قيل: القرآنُ يدفعُ هذا بقوله: {ما نَنْسَخْ من آيةٍ أو نُنْسِها نأتِ بخيرٍ منها أو مثلِها} [البقرة: 106]، وما استشهدتم [به] ما خلا من بدل؛ لأنه قال: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [المجادلة: 13]، وقال في قيام الليلِ: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا} [المزمل: 20]، فما ذكرَ نسخاً إلا وعَقَّبه منسوخاً به من تعبد: إما أضعفَ، أو أسهلَ، وأخْبَرَ بذلك.
قيل: الإِسقاطُ رأساً خيرٌ كما أَخبَرَ، ولم يقل: نأتِ بحكم هو خيرٌ، بل الِإسقاطُ خيرٌ، والصلاةُ والزكاة ليست بدلًا عن صدقةِ النَجْوى بإجماعنا (?).
فصول
في شروط الناسخِ والمنسوخِ، وما ألْحِقَ به وليس منه.
فأحدُ شرائطهما (?): أن يكونا حُكمين شرعيَّين، فأما النَّاقلُ عن حكم العَقْلِ، الساقطُ بعد ثبوتِه، فلا يوصفُ بأنه ناسخ، ولذلك لم توصفِ العباداتُ الشرعيةُ من الصلوات وغيرها، والخطابُ المحرمُ (?)