وقد اشتدت نِقمةُ الحنابلة عليه نتيجة تجاسُرِه على تأويل نُصوص الصفات، ودفاعه عن الحلاّج، واعتذاره له، حتى طلبوا دمه، وأهدروه، إلى أن أعلن توبته عن ارائه الاعتزالية، ورجوعه عن ترحُّمهِ على الحلاّج، فانطفأت بذلك نار الفتنة.
ولم يكتفِ- رحمه الله- بإعلان التوبة، بل أخذ يُصنّف في الردِّ على المعتزلة، هاتكاً أستارهم، وكاشفاً عن عوارِهم عن علم ودراية.
يقول الحافظُ ابن حجر: "نعم، كان مُعتزلياً، ثم أشهد على نفسه أنه تاب عن ذلك، وصحَّتْ توبتُهُ، ثم صَنف فى الردِّ عليهم، وقد أثنى عليه أهل عصره ومن بعدهم، وأطْراهُ ابنُ الجوزي، وعَوَّلَ على كلامه في أكثر تصانيفِهِ " (?).
ونَقل الحافظ ابن رجب قصة توبة ابن عقيل، ورجوعه عمّا كان عليه، فقال: "فمضى ابن عقيل إلى بيتِ الشريف، وصالحهُ، وكتب خطهُ: يقولُ عليُّ بن عقيل بن محمد: إني أبرأُ إلى الله تعالى من مذاهب مبتدعَةِ الاعتزال، وغيره، ومن صُحبة أربابه، وتعظيم أصحابه، والتَّرحُّمِ على أسلافهم، والتكثُّر بأخلاقهم، وما كنتُ عَلَّقْتُه ووُجد بخطِّي من مذاهبهم وضلالتهم، فأنا تائبٌ إلى الله تعالى من كتابته، ولاَ تحلُّ كتابتُهُ، ولا قراءتُه، ولا اعتقاده، وإنني علَّقتُ مسألة الليل في جملة ذلك، وإنَّ قوماً قالوا: هو أجسادٌ سود. وقلتُ: الصحيحُ: ما سمعتُه من الشيخ أبي علي، وأنه قال: هو عدمٌ، ولا يُسمى جسماً، ولا شيئاً أصلاً، واعتقدتُ أنا ذلك، وأنا تائبٌ إلى الله تعالى منهم.
واعتقدتُ في الحلاّج: أنه من أهل الدين والزُّهد والكرامات،