أمَّا حجَّتُنا منه، فإنَّه عوَّلَ على المعنى في أوَّلِه وآخرِه حيث ذكرَ الفقهَ، ولم يتعرَّض للحفظِ، وإِنما نحن مجوِّزون لنقلِه بالمعنى في حقِّ مَنْ يفقه المعنى.
وإذا كان فقهُ الحديث هو المقصودَ، لم يبق فيه إلا الاحتياط للفظِ خوفاً على المعنى، وذلكَ يقتضي الأَوْلَى والاستحباب، ونحن قائلودن به.
ولأنَّ في تعليلِ الخبرِ ما يدلُّ على أنَّ المعنى أَوْلَى، وهو أنَّه إذا كان الحديثُ مشكلَ الظاهر فأزال إشكاله بروايته بالمعنى، أغنى السَّامعَ عن تفسيرِه، وعن سؤال وإيضاحِ للمعنى، فإنَّ الصَّحابة قد تخطئ في ذلك حتى يُشبَّه على أحدهم خيطا الفجر بخيطي الحبل، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنك لعريضُ الوِسادِ (?) (2 ......... 2) لا الكف عنه فقطع للسان غير معناه، مثل: أن يسمعَ من النبيِّ- صلى الله عليه وسلم -: "صاحبُ الحقِّ له اليدُ واللسانِ" (?)، وهذا يوهمُ: له اليدُ ضرباً ونَتْراً وجذباً، واللِّسانُ شتماً وسبًّا، فجاءَ الراوي وقال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:"صاحبُ الحقِّ له المطالبةُ بلسانهِ، واليدُ بملازمتِه وإمساكهِ" ففصح بالمعنى، كان هذا أحسنَ في إزالةِ الإشكالِ.