ولمَّا جاء الوعيدُ، بقوله في آية المواريث: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ... وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (?) [النساء: 13 - 14]، أراد به خالدينَ (?) مدةَ عذابهم، خالدينَ ما لم يعفُ عن الدوامِ بشفاعةِ الشافعِ لهم. فهذه الأخبارُ من الله، يجوزُ أن تقعَ على هذا الوجهِ.

فأمَّا قولُه: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [الفتح: 27]، {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 3]، {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد: 3]، {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال: 7] فهذا في الإثباتِ لا بُدَّ من كونِه.

وفي النفي: مثل قولِهِ: {لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، {لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: 174]، فهذا خبر لا يجوزُ رفعُهُ ولا نسخُهُ؛ لأنَّهُ يُفضي إلى وقوعِ الخبرِ بخلافِ مخبَرهِ، وذلكَ غيرُ جائزٍ على الله سبحانه.

وممّا يجوزُ عليه سبحانَهُ، ولا يمتنعُ: أن يأمرَ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بأنْ يقولَ: "صلوا، والصلاةُ واجبةٌ عليكم"، ويقول بعدَ وقتٍ: "الصلاةُ محرمة عليكم" فهذا يجوزُ أن يكونَ بحكمِ الوقتِ الذي أمرَ بها فيهِ، فكأنَّه يقول: "صلوا، فالصلاةُ في هذا الوقت واجبةٌ عليكم"، ويقول في وقتٍ آخر: " [لا] تصلوا (?)، فالصلاةُ محظورةٌ عليكم"، ويكونُ وقتاً من أوقاتِ النهيِ التي تقعُ الصلاةُ فيهِ مفسدةً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015