ولا فرقَ بينَ أن تكونَ الدلالةُ قريبةً مضافةً أو دلالةً متأخرةً عن الصيغةِ، مثل قولهِ تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5]، فيقتضي ظاهرُها استغراقَهُم بالقتلِ، فإذا جاءتْ دلالةٌ، تقتضي عصمةَ أهلِ الكتابِ منهم، بإعطاءِ الجزيةِ، والتزامِ العهدِ، تبيّنا أنهُ لم يرد الاستغراقَ.

ولا يصحُّ هذا القبيلُ -أعني تخصيصَ العمومِ- في أمرٍ واحدٍ، بمأمورٍ واحدٍ، والنسخُ يكونُ نسخاً لحكم الأمرِ الوحدِ، بمأمورٍ واحدٍ بفعلٍ واحدٍ، ينسخُ بعد فرضهِ، ولا يصحُ دخولُ التخصيصِ فيه.

ومن الفرقِ بينهما: أن التخصيصَ يُخرِجُ من الخطابِ ما لم يُرَدْ به، والنسخُ يرفعُ ما أُريدَ إثباتُ حكمه.

ولا يقعُ النسخُ أبداً إلا متراخياً عن المنسوخ، كما بيناه من قبل، والتخصيصُ قد يصحُّ اتصالُه بالمخصوص، ويصحُّ تراخيه عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015