والاتَباع، ثم خروجُ الفعلِ على وجهِ التعبد، فإنَّ ما خرجَ لا على وجهِ التعبُّدِ، لم نَقُلْ بوجوبهِ، بل بمُجرَّدِ إباحتِه.
ومنها: أنَّ أفعالَه أكثرها كانت مخفيةً مطويةً عن الأمة، فلا يجوز أن يُجعلَ ما هذا سبيله كالنطقِ الذي لا يجوزُ له كتمُه.
فيقالُ: فما خفيَ منها قد كُشِفَ للتأسي به والاتِّباع له، تارة به، مثل قوله في غسله الذي لا يشاهدُ: "أمَّا أنا فأحْثُو على رأسي ثلاث حَثَيات من ماءٍ" (?)، ومثل قوله لأم سلمة لَمَّا سُئِلَت عن قُبلة الصائم: "هلا أخبرتيهم أنَّني أقبِّلُ وأنا صائمٌ" (?)، و [تارةً بغيرهِ] مثلُ قول عائشة لما اختلفوا في الِإكْسال والإنزال: إذا التَقَى الخِتانانِ، وَجَبَ الغُسْلُ، أنْزَل أو لم يُنزِل، فَعَلْتُه أنا ورسُول الله، فاغْتَسَلْنا (?).
على أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لا يطوي من أفعالِه إلا ما لا يَجعله بمنزلة الأمرِ، فأمَّا ما يستدعي به الاتِّباعَ، فلا بُدَّ أن يُظهرَه، ولا يطوي إلا النوافلَ المحضة، وهذا يعطي: أنَّ ما أظهره الإيجابُ، إذ كانَ لا يخفي إلا النوافلَ، ولهذا قال في التَّرَاويح (?): "ولو خَرَجْتُ الرَّابعَة، خفتُ أن تُفْرَض عليكم" (?).
ومنها: قولهم: لا يخلو قولكم بوجوبِ اتباعِه في أفعالِه أن يكونَ