بيت المقدس أبداً سرمداً، لم يجز النسخ، وعاد النسخ بداءً ولهذا تسكع (?) ابن الراوندي (?) لليهود في لفظةِ التأبيدِ، وأخذ منهم قدراً من المال علي ما حكاهُ لنا المشايخُ الأصوليون (?). قال: وإذا كان كذلك، وجب الإشعارُ بالنسخ.
قيل: لا نسلِّم أن التأكيد بذكر التأبيد يؤَثِّرُ منعاً (?) للنَّسخ بل يُبَيَّنُ بالنسخِ بعد ذلك أنه أراد أبداً من الآباد، كما قال للكفار: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} [البقرة: 94 - 95] وأخبرَ سبحانه عن تمنيهِمُ الموتَ في النار، وأنهم يقولون: {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] أي: لِيُمِتْنا (?)، فبانَ بذلك أنَّه أرادَ بالأبدِ: مُدَّتَهم في الدنيا، ومبلغَ أعمارِهم.
ومنها: أنَّ القولَ بتأخيرِ البيانِ عن الخطابِ إلى حين الحاجةِ، لا يوجبُ مُحَالاً في العقلِ، من إفساد دلالةٍ، أو قلبِ حَقيقيةٍ، أو إخراجِ بعض الأمورِ عما هو به، أو إلحاقِ وصفٍ بالقديم (?) المتعبَّد