إخراجُه بالتأويلِ فيه، فمن أهمل التأويلَ فيه (?) دُهِيَ (?) من قِبَلِ نفسِه، لا مِن قبل النطق.
قيل: إنَّ اللهَ سبحانَه لم يُعلِّق الحكمَ -وهو تغريقُ ابنِه- إلاَّ على بيانِ أنَّه عملٌ غير صالح، وأنَّه ليسَ من أهلِه الذينَ أرادهم بقوله: {وَأَهْلَكَ} ولو سبقَ البيانُ، لكانَ التوبيخُ على التقدِمةِ، ألا ترى أنَّه سبحانَه وبَّخ آدمَ وحواءَ على مخالفةِ التقدِمة؟ فقال: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأعراف: 22] ولم يقل هنا: يا نوحُ، ألمِ أقل: وأهلكَ، إلا من ظلمَ وكفرَ؟ فعُلِمَ أنَّه قد كانَ الاستثناءُ متردِّداَ بين (?) عودِه إلى الكلام الآخرِ والجملةِ الآخِرةِ، وبينَ عودِه إلى: {مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ} [هود: 40]، فبيَّن له بياناً (?) مبتدأ، ولو عوَّل على الأوَّلِ في البيان، لوبَّخه على المراجعة والمعاودةِ، بعد تقدِمَةِ البيانِ، كما وبَّخ آَدمَ وحواء؛ حيثُ قدَّمَ لهما البيانَ، فعمِلا بخلافِه.
ومن ذلكَ: قولُه تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98]، فإنَّها لمَّا نزلتْ نَاقَضَتْهُ اليهودُ بها، وقالَ ابنُ الزِّبَعْرَى: لأخصِمنَّ محمداً، ثمَّ قال: إنَّ الملائكةَ وعيسى قد عُبِدوا، فوقفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن