وأمَّا قولُهم: إنَّهما معنيانِ مختلفانِ، واللَّفظُ الواحدُ لا يرِدُ بهما، لايسلَّمُ، لما بَيّنَا من قبل (?)، بل يجوزُ أن يتناولَ اللفظُ الواحدُ (?) معنيين مختلفين.
وقد تَعلَّق بعضُهم علينا فيها: بأنَّ العربَ لا تعرفُ أحكامَ الأفعالِ، بل صُوَرها، وإنَّما الأحكامُ شرعيةٌ حادثةٌ (?).
فيقالُ: لا يصحُ تجهيلُ القومِ، والدعوى عليهم بذلكَ (?)، وهُمْ يعرفون للأفعالِ (?) أحكاماً؛ من حيثُ المؤاخذةُ في الأفعالِ المذمومةِ، والجناياتِ المسخوطةِ، والاعتدادُ بالأفعالِ المحمودةِ، وإنَّما جاءَ الشرعُ بمؤاخذةٍ من جهةِ الله [سبحانه]، فالجهةُ التي جاءت بها الشريعةُ هي الزيادةُ، لا أصلُ الأحكامِ.
ألا ترى أنَّهم قالوا: أقلناك عثْرتَك، واعتددنا لك بخدمتِك، فإذا قالوا: لا عملَ لزيدٍ، ولا جنايةَ لعمروٍ، أرادوا: لا عملَ معتدٌّ به، ولا جنايةَ يؤاخذُ بها، لمكان عفونا عنها، فما (?) تَجدَّد في الشرع سوى إضافةِ الحكمِ إلى الشرعِ، فالإضافةُ تجدَّدت، لا أصل الحكمِ، فبطل ما ذكروا.