الإثبات، أو إثبات ما سلبه، هو الكذبُ، وما ليسَ بحقيقةٍ، فليسَ بحقٍّ، وما ليسَ بحقٍّ فهو الباطلُ، إذ ليسَ بينهما واسطةٌ.

ومنها: أنْ قالوا: إنَّ المجازَ لم تستعملْه العربُ إلا لأجلِ الحاجةِ والضرورةِ، مثل حاجةِ الشعراءِ إلى المدحِ المبالغِ، لاستخراجِهم جوائزَ الأمراءِ والملوكِ، وتسهيلِ العطاءِ على الممدوحِ، فافتقروا إلى تشبيهِ الكريمِ بالبحرِ، وتلقيبِه بالسحابِ الهاطلِ، والماءِ الفائِضِ، والفرس الجاري، واستعاروا له بوصفِه بالإقدامِ على الحربِ، وثباتِ القلب اسمَ: أسدٍ وشجاعٍ، وفي منع الجار، وثباتِ العزمِ اسمَ: جبلٍ، ولمَّا احتاجوا الذمَّ لانجزاعِ (?) قلبِ مَن لا يمكنهم النكاية فيه بالفعلِ، وكانوا أربابَ ألسنةٍ، استبدلوا الألسنةَ بالأسلحةِ، فأنكَوا بالهجوِ قدحاً في الأعرِاضِ، وفَتّاً في الأعضادِ؛ بتلقيبِ الرجلِ حماراً، وربما يقصدون بذلكَ وصفَه بالبلادةِ والقذارةِ والشَّرَهِ، وبالحُساس (?) صفة له بالخَوَرِ، واحتاجوا إلى استرحامِ القساةِ، واستعطافِ المعرضينَ من الولاةِ، فاستعاروا لأنفسِهم ما يوجبُ رقَّةَ القلوبِ عليهم، بتشبيهِ أولادِهم بالأفرُخ (?) الزُّغْبِ (?)، وأنفسِهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015