فيقالُ: إنما يجبُ الوقفُ إذا تساوى الأمرانِ، وما تساويا عندنا، لما بيّنا من أدلةِ الترجيح، وأن ألظاهرَ في لغتِهم عودُهُ إلى الجميعِ، ولا يعودُ إلى الجملةِ الأخيرة إلا بدلالةٍ.
ولأنَّ هذه المسألةَ اختلفَ فيها السلفُ على مذهبينِ ليس فيهما وقف، فالقولُ بالوقفِ إحداثُ مذهبٍ ثالثِ بعد انعقادِ الإجماع (?).
ومنها: أنَّ الاستثناءَ من الجملة، إذا تَعَقَب استثناء، كانَ الاستثناء الثاني عائداً إلى الاستثناءِ الذي يليهِ دونَ الجملةِ. مثاله: قولُ القائل: له فيَ عشرةُ دراهَم إلا أربعةً إلا درهمين، فإنَّ الاستثناء الثاني يعودُ إلى الأربعةِ، فيكونُ الإقرارُ بثمانية، وما ذاك إلا لأنَّ الاستنثاءَ الثاني جملةٌ تلي الاستثناء، وهذا موجودٌ في الجملةِ القريبة ها هنا.
فيقال: إنما رجع الاستثناء [إلى الجملةِ الأخيرة] (?) دونَ الجملةِ الأولى، لأنَّه لا يصحُّ رجوعُه إليهما؛ لأنَّ إحداهما نفي والأخرى إثبات، وعندَ القوم: أنَّ الاستثناء من الإثبات نفيٌ, ومن النفي إثبات (?)، فلما كان قولُه: علي عشرةٌ إثباتاً، كان قولُه: إلا أربعةً. نفياً، فبقي ستة، فلما قالَ: إلا درهمين عادَ إلى الأربعةِ المنفيةِ، فاقتضى إثباتَ درهمين مع الستة فصارت ثمانية.
فأمَّا في مسألتِنا فكلُّها إثباتٌ، أو كلُها نفي فصارت جملةً واحدةً، كما قلنا في تقدُّمِها للشرطِ، فإنَّه يعودُ الشرطُ إلى جميعِها عوداً واحداً (?).
ومنها: أن قالوا: إنَّ الجملةَ الأولى بينها وبينَ الجملةِ الأخيرةِ التي تلي الاستثناءَ، ما يقطعُ الاستثناءَ عنها من إلجُملِ، فصارت الجملةُ المتخلّلةُ بمثابةِ السكتِ بين