قيل: فأخبارُ الآحادِ وإن لم توجب القطعَ، فقد وجبَ العملُ بها، وإزالةُ استصحابِ حالِ العقلِ في براءةِ الذِّممِ، بالشُغلِ والإلزام وإتعابِ الأبدانِ، ومنعِ اللَّذاتِ، فهّلا وجبَ الجمعُ والبناءُ مع الإمكانِ، كما وجبَ الاستعمالُ لها وإن لم يوجب القطع .. و [ما] (?) يدلُّ عليه: هو أنَّ ما زادَ على الخصوص من العمومِ لا يعارضُه مثلُه ولا ما هو أقوى منه، فوجبَ أن لا يتوقفَ فيه، كما لو رويَ في أحدِ الخبرينِ ما في الآخرِ, وزيادةُ حكمٍ.
فصل
في شبههم
فمنها: تعلّقُهم بقوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]، وهذا التعارضُ اختلافٌ، فدل على أنَّه ليسَ من عندِ الله.
فيقالُ: لا اختلافَ بينهما، بل هما متفقانِ عندَ البناءِ والترتيبِ، على أنَّه لو كان هذا اختلافاً يمنعُ البناءَ في الأخبار لمنُعَ ذلك في الآي إذا تعارضت، ولمَّا أجمعنا على أنَّ ذلكَ لا يُعد اختلافاً نفاه اللهُ عن شرعهِ، كذلكَ ها هنا. وما مَنعَ من ذلكَ في الآي إلا إمكان البناء، كذلك في الأخبارِ قد أمكن البناء ولا اختلاف.
ومنها: أنَّه إذا تعارَض لفظان، وأمكنَ فيه وجهان من الاستعمالِ، كنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الصلوات في أوقات النهي (?)، وأمرِه بالقضاءِ لمن نامَ عن صلاةٍ أو