- فصل في شبههم: فمنها: توهم أن الألف واللام لا تدخلان إلا للعهد

الألفُ واللامُ، أعني صيغةَ الواحدِ المفردِ، والجمعِ المنكَّر ثم إنَّ الألفَ والَّلامَ إذا دخلت على الجماعةِ المنكَّرةِ جعلتها المرادَ بها الجنسُ، كذلك الواحدُ.

ومنها: أنَّ الواحد المنكَّر مثل قولنا: إنسان، ورجل، وسارق، وَزانٍ، وبَر, وفاجر, لا يجوزُ دخولُ الاستثناءِ عليه، فإذا دخَل عليه الألفُ واللأَم؛ حسُنَ دخولُ الاستثناءِ، مثل قوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ} [المعارج: 19 - 22]، والمصلّون جماعةٌ استثناهم من قوله: {الْإِنْسَانَ} فَعُلمَ أنه أراد به جنسَ الناسِ، إذ لو كان واحداً؛ لما صحَّ أن يستثني منه جماعةً، إذ ليس الواحدُ جماعةً، وليسَ إلا نفسه.

ومنها: أنَّها لو اقتضت العهدَ لما حسُنَ الابتداءُ بها، ومعلومٌ أنَه يحسُنُ أن يبتدىءَ الإنسانُ بقوله: رأيتُ الناسَ، ولقيتُ العربَ. وكما يحسنُ ذلك يحسُنُ أن يقولَ: رأيتُ الإنسانَ غدّاراً، وغادرتُ الكافرَ كذاباً. ولو كانت للعهدِ لما حسُنت ابتداءً، ألا ترى أنك تقول: دخلتُ السوق فرأيتُ رجلاً، ثم عدتُ فرأيتُ الرجل. فيعودُ إلى الرجلِ المعهودِ بالذكر أولاً؟ وأردت أن تبتدىء فتقولَ: دخلتُ للسوقِ، ورأيتُ الرجل.

وتُريد العهدَ، لم يصح ذلك، ولم يكن ذلك لغة.

فصل

أي، (?) شُبههم

فمنها: توهُّمُ أنَ الألفَ والَّلام لا تدخلانِ إلا للعهدِ، قال الله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 15 - 16] والمرادُ به: المذكورُ أولاً، وقال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5 - 6]، قال ابن عباس: لن يغلب عسرٌ يُسْرَين (?). فلو لم يكن العُسرُ بالألفِ واللام، جعل الثاني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015