ولأنَ الاستثناءَ قد يدخلُ عليها فيردَّها إلى الثلاثةِ والواحدِ، لمّا لم يلزم ذلك في ألفاظ العموم.
ومنها: أنَه لو كان لفظُ الجمعِ يقتضي العمومَ، لكان من قال: له عليَّ دراهم. غير مقبول منه تفسيرُ إقراره بالثلاثةِ؛ لأنه فسَّره بغيرِ الموضوعِ، كما لو أقرَّ بعبدٍ أو أمةٍ، وفسَّره بشاةٍ أو بَعيرٍ.
فيقالُ: إنَّ قولَه: عليَّ دراهم. نكرة، ومثل هذا عندنا لا تقتضي الجنس، لكن يقتضي إذا تَعرف بالألفِ واللام، غيرَ أنَا لا نَحملُ ذلكَ على الجنسِ في الإقرار، لدليلٍ دلَّ عليه، وهو أنّا نعرِفُ من طريقِ العُرفِ والعادةِ أنَه لا يلزمُ ذِمَّةَ الإنسان لمُعامِلهِ جنسُ الدراهم، لا في قَرضٍ، ولا بيع، ولا بَدلِ مُتلَفٍ، ودلالةُ العُرف تَخُصُّ أبداً، وتمنع من حمله على أصلِ الوضع، كما تقصر الدراهمَ على [البعض] (?)، ولا يقبل تفسيرُ إطلاقِه بدراهمَ غيرِ نقدِ البلدِ.
فوِزانُه من مَسألتِنا: أن يردَ لفظُ العمومِ ويردَ معه أو بعدَه دلالةٌ تقتضي الخصوصَ، فيُقضى بالخصوصِ عليه.
فصل
في الكلامِ على من فرَّق بين الأوامرِ والأخبارِ، فأثبتَه (?) في الأمرِ دون الخبرِ (?).
فمن الدلالةِ عليهم: أنَّ فيما ذكرنا أخباراً تعلَّق السلفُ بعمومِها وأوامر؛ من ذلك: قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98]،