فصل
النهيُ: صيغة، ولا تَقل: للنهي صيغةٌ، كما ذكَر شيخنا (1) وغيرُه ممّن قالَ: للأمرِ صيغةٌ، وقد استوفيتُ ذلكَ في بابِ الأوامرِ، لأنَّ المعتزلةَ والأشاعرةَ قالوا ذلك.
لأنَّ المعتزلةَ تقول: الأمرُ والنهيُّ: الإرادةُ والكراهةُ، فالصيغةُ لهما لا هما.
والأشاعرةُ تقول: الأمرُ والنهيُ معنى واحدٌ قائم في النفس، والصيغةُ لذلك المعنى، وحكايةٌ له ودلالةٌ عليه.
فأمَّا أصحابُنا، فإنني تأملتُ المذهبَ، فإذا به يحكمُ بأنَّ الصيغتين أمرٌ ونَهي، فهذا تحقيقٌ يجبُ أن نعلَمه قبل الشروعِ في المسألة.
والصيغةُ: قولُ الأعلى لمن دونه: لا تَفعلْ. وقالَ شيخُنا (?) رضي اللهُ عنه: والصيغةُ دالّةٌ بنفسها عليه. يَعني على النهي، وهذا أيضاً اتّباعٌ لقولِ المتكلمين، وإلا فليس لنا نهيٌ عن الصيغة تدل الصيغةُ عليه، بل المنهي قول وصيغةٌ، والشيءُ لايدلُّ على نَفسه.
وقالت المعتزلة: ليست الصيغةُ نَهياً، ولا لأجل الصيغة، وإنما يكونُ نهياً بكراهةِ الناهي، كما قالوا: يكون أمراً بإرادةِ الآمر.
وقالت الأشاعرةُ: لا صيغة للنهي بل هو معنىً في النفس (?).