سُنّةً حَسَنة كان له أجرُها وأجرُ من يَعملُ بها إلى يومِ القِيامة" (?). وقد رُوي عن عليًّ كَرَّم اللهُ وجهه أنه قال: جَلَدَ رَسولُ الله في الخمرِ أربعينَ، وجَلَدَ أبو بكرِ أربعين، وجلدَ عُمرُ ثمانين، وكُلٌّ سُنَّة (?). فسوّى بين فعلِ النبي وفعْلِهم في تسميته سُنّةَ، فإذا ثبت هذا لم نَعلم إلى ماذا أشارَ الصحابيُّ إلى سنةِ رسول الله أو سُنّةِ الخلفاءِ بَعده؟ فلا وَجه لجعْل ذلك حجّةً مع هذا الترددِ والاشتراكِ.
ومنها: أنَ الصحابي قد يَجتهدُ يستنبطُ الحادثةَ، فيؤديه اجتهادهُ إلى حكم، ويُضيفُ ذلكَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، تقيسُ (?) على ما سمعَ منه، ويستنبطه مما (?) أخذ عنه، وإذا احتُمل هذا؛ لم يَجُز أن يُجعل سنة مُسْنَدةً، كما لو قال: هذا حُكمُ الله تعالى. لم يَجُز أن يُضافَ إلى القرآن.
فصل
في أجوبتنا عن شُبههم
إنَ الأصلَ براءةُ الذمةِ يتغير بالشَغلِ بالظاهر ولا نَحتاج فيه إلى أكثر من الظاهر الموجبِ لِغلبةِ الظنّ، كخبرِ الواحدِ؛ غايةُ ما يقتضي الظن وينتقلُ به عن الأصلِ، وهو البراءة إلى الشَغْلِ، والظاهرُ ها هُنا أنَ السنّة إذا اطلقت انصرفت إلى سُنةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأمرُ والنهيُ ينصرف إلى أمرِه ونَهْيه من الوجه الذي ذكرنا.