أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم انفضوا إليه وتركوه قائماً (?)، فقال: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] يعني التجارةَ، لكن اللهو الذي كان يُفعل بين يدي القوافلِ تابعٌ لها ومنبه عليها، وهي المقصودةُ بالتجارةِ، فصرفَ النهي إلى البيع لهذه العلةِ، والمعقولُ من ذلكَ: النهيُ عن كل مشغلٍ عن السعي إلى الجمعةِ. ومما يشهد لاندراج النهي في لفظِ الأمرِ وإن لم يكق مصرَّحاً به وأنه لو صرّح به لما كان من المضادِّ له، قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] نهى عن التأفيف، ونبه على ما زاد عليه، فكأنه قال: لا تؤذِهما بأقلِّ الأذى. منبهاً على أكثره، وإن لم يوجد في اللفظ ذلكَ فقد وُجِدَ معناه، كذلك النهيُ هاهنا مندرج، وليس بين الأمر بالشيء والنهي عن ضدهِ تضادٌ، بل أكثرُ موافقة، وإنما التضادُ بين الأمرِ المطلقِ والنهيِ المطلقِ، والأمرِ بعينِ شيء، والنهي عن عينِ ذلك الشيء، فبطلَ ما تعلقوا به من الِإحالةِ لاجتماعٍ من جهةِ التضاد بين الصيغتين.

ولأنّه إذا كان تركُ الضدين شرطاً لفعلِ المأمور به، حسُن أن يجعلَ الأمر بالمشروطِ أمراً بالشرطِ من طريقِ المعنى، وإن لم يكن من طريقِ اللفظِ، كمن أمرناه بالصلاةِ التي قد ثبت أنَّ من شرطها تقدمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015