أحدِهما، تكرّرَ حصولُ الحكمِ، فلا زكوات متكرّرةً، إلا بأنصباءَ متعدّدةٍ وأحوال متكررةٍ، وإن تعددتِ النصبُ فكان له عشرون مثقالَاً، وأربعون شاةً، وخمس من الإِبل، ومئتا درهم، تعددت الزكاةُ، وإن كان له نصاب واحد، فتكررتْ عليه أحوالُ الزكاة لتعدَّدَت لتعدّدِ الحولِ. وإن كان الغنى بالنصاب علةَ الزكاةِ والحولُ شرطَها، فهذا من طريقِ الألفاظِ والأحكامِ جميعاً.
وأما المنعُ الثاني بما ذكروه من الحج، فإن الحج نادرٌ، نَدُرَ من العباداتِ للمشقةِ الحاصلةِ، والحكمُ للغالب دون النادرِ، كنقودِ البلدِ إذا غلبت وندُرَ منها نقدٌ لم يُحمل إطلاقُ الثمنِ عليهِ، هذا في حُكم الشرع، وأما في حكم اللغةِ؛ فإنه لا يُحمل إطلاق الكلامِ إلى ما شذَّ منها، حتى لو قالَ قائل: له علي درهم أو ثلاثةُ دراهم، ثم فسّرها بزعفران أو غزل أو ما يوزن، لم يقبل، وإن كانَ التقديرُ يتسلَطُ على كلِّ موزون يسنح به، لكنْ لما كانَ الغالبُ في الدراهم الوَرِقَ المنقوشَ المضروب، حُمِلَ الإِطلاقُ عليه، وانصرف إليه.
كذلكَ غالبُ أحوالِ العباداتِ، دوامُها بدوام العمرِ، وتكررُها بتكررِ أسبابِها وشروطِها وما شذَّ سوى الحجِ للعمرَ، وكلمةِ الإِيمانِ مع دوامِه حكماً من طريقِ الاعتقادِ واستدامةِ الأركان.
وأما قولهم: لأدلهٍ أوجبت التكرارَ. فهي التي أوجبت إلحاقَ النادرِ منها بالغالبِ، وإجراءَ حكمِ الغالب على الشاذ.
فإن قيل: هذا قد تكررَ منكم، وهو باطلٌ بالمجازِ الذي كثُرَ