الكلام، كما أن العَمى ضد صحةِ البصرِ، فثبتَ أنَّ الكلامَ ما كان في محَلِّ الخَرَس، وهو النطقُ.
ولأنَّ الإجماعَ منهم حاصلٌ على أنَّ للكلام صفاتِ مدح وصفاتِ ذمٍ، فالمدحُ كقولهِم: فصاحةٌ وبيانٌ، وفي المَتكلمِ، فصيح ومبين وناطقٌ وخطيبٌ ومِصقَعٌ، والاختلالُ فيه والذمُّ، اللكنَةُ والفَهَاهَةُ والعِيّ، والمتكلمُ، عييٌ وألْكنُ، والكُلُّ إنما يرجعُ إلى الحروفِ والأصواتِ وإلى مَنْ جَوَّدَ في النُّطقِ وقَصر فيه، دون أن يُعادَ إلى النفس أو إلى ما فيها.
وقسموا ما في النفسِ إلى هاجس وخاطر، وفكرٍ، وأَجْروا اسمَ الأمرِ على النطقِ والاستدعاءِ بالقولِ خاصةً، فقالَ دريدُ بن الصِّمَّة (?):
أمَرْتُكُم أمْرِي بمُنْعَرجِ اللِّوى ... فلم تَسْتَبْيِنوا الرشْدَ إلا ضُحَى الغَدِ
فقلتُ لهم ظُنوا بَألْفَيْ مدجَّج ... سَرَاتهم في الفارسيِّ المُرَدَّدِ (?)