سبحانه: {حُرمتْ عليكُمْ أمهاتُكم} [النساء: 23]. وساقَ ذِكْرَ المحرماتِ، والمرادُ به: حُرم عليكم أفعال وأقوال؛ كالنكاح والجماعِ والاستمتاعِ، وقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3]، والمراد به: إمساكُكُم إيَّاها، وتناولُكم منها أكْلًا واستعمالًا، فعادَ النَّهيُ إلى أفعالِنا فيها، ومقصودِنا إلى التناولِ لها والانتفاعِ بها، الذي يَدْخُلُ تحتَ مقدورِنا، إذْ لم تكنْ هي بأعيانِها داخلةً تحتَ مقدورِنا، فتحرمُ ذواتُها علينا.

ومِن ذلك قولُه: "رُفعَ عنْ أمتي الخطأ والنسيان" (?)، والمرادُ به بعُرْفِ اللغةِ: رَفعُ حُكْمِ الفِعْلِ العَمْدِ ومأثمهُ، ويتجوَّز الفقهاءُ فيقولون: رُفعَ مأثَمُ الخطأ، وإنَّما هو رَفْعُ مأثم الفعلِ والذم عليه والعقاب، وقامَ الدليلُ على أنه لا يرتفعُ الغُرْمُ والضَمانُ الثابت بالعمدِ، ولا يجوَزُ أنَّ يكونَ رفعُ عين الخطأ، إذْ عينُ الفعلِ عمداً وخطأً لا يختلفُ في الوجودِ والفناءِ، لانهما عرضان لهما حكمُ سائر الأعراضِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015