وفى القرآن من الرد على هؤلاء، ما لم تتسع له هذه الفتوى.
فإن الوسائط التى بين الملوك وبين الناس، يكونون على أحد وجوه ثلاثة:
الوجة الأول: إما لإخبارهم من أحوال الناس بما لا يعرفونه.
ومن قال: إن الله لا يعلم أحوال عباده حتى يخبره بتلك بعض الملائكة أو الأنبياء أو غيرهم فهو كافر، بل هو ـ سبحانه ـ يعلم السر وأخفى، لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11] . يسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات، لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين.
الوجه الثانى: أن يكون الملك عاجزًا عن تدبير رعيته، ودفع أعدائه ـ إلا بأعوان يعينونه ـ فلابد له من أنصار وأعوان، لذله وعجزه. والله ـ سبحانه ـ ليس له ظهير، ولا ولى من الذل، قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي لسَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ} [سبأ: