وَاحِد من الْمَدّ. وَلما كَانَت النَّفس فَوق الطبيعة وَكَانَت أفعالها فَوق الْحَرَكَة أَعنِي فِي غير زمَان فَإِذن ملاحظتها الْأُمُور لَيست بِسَبَب الْمَاضِي وَلَا الْحَاضِر وَلَا الْمُسْتَقْبل بل الْأَمر عِنْدهَا فِي السوَاء فَمَتَى لم تعقها عوائق الهيولى والهيوليات وحجب الْحس والمحسوسات - أدْركْت الْأُمُور وتجلت لَهَا بِلَا زمَان وَرُبمَا ظهر هَذَا الْأَمر مِنْهَا فِي بعض المزاجات أَكثر حَتَّى يرْتَفع إِلَى حد التكهن وَهَذَا الْإِنْذَار رُبمَا كَانَ فِي زمَان بعيد فَكلما كَانَ أبعد والمدة أطول كَانَ أبدع عِنْد النَّاس وَأغْرب ثمَّ لَا يزَال يقرب الزَّمَان وَيقصر فِيهِ حَتَّى يَتْلُو وَقت الْإِنْذَار بِلَا كَبِير فاصلة. وَهَذِه الْحَال تعرض لمن يذكر الْإِنْسَان فيحصر الْمَذْكُور عِنْد مقطع ذكره وَلم يكن سَببا لحضوره بل كَانَ الْأَمر بالضد فَإِن قرب حُضُوره أشعر النَّفس حَتَّى أنذرت بِهِ. وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الرُّؤْيَة بالالتفات فَإِن قرب الملتفت إِلَيْهِ هُوَ الَّذِي حرك النَّفس حَتَّى اسْتعْملت آلَة الالتفاف. واستقصاء هَذَا غير لَائِق بشرطنا فِي ترك الإطالة وَلَوْلَا ذَلِك لذكرنا أموراً بديعة من هَذَا الْجِنْس وَفِي هَذَا الْقدر كِفَايَة