وذوو الْأَرْحَام هم جمَاعَة يشتركون فِي نسب وَاحِد وَلَا يرى أحدهم للْآخر فضلا فَإِن انْفَرد وَأَيْضًا فَإِن مَوْضُوع الشّركَة فِي النّسَب هُوَ المؤازرة والمعاونة والتساوي فِي الْأَحْوَال. وَهَذِه حَال منتظرة يتوقعها كل وَاحِد من الآخر فَإِذا أخلف الظَّن كَانَ أَشد احْتِمَالا وأصعب علاجاً وَصَارَ بِمَنْزِلَة الدّين المجحود وَالْحق المغموط فَإِذا اقْتضى ثقل وَإِذا ثقل تنوكر وَإِذا تنوكر ثارت قُوَّة الْغَضَب بِالْجَمِيعِ وَالْغَضَب يزرع الحقد وَيبْعَث على الشرور. وينضاف إِلَى هَذَا شدَّة الْعِنَايَة والتفقد للأحوال وَهَذَا لَا يكون مَعَ الْبعدَاء وَلَا يُمكن فيهم فتكثر وُجُوه المطالبات بالحقوق وادعاؤها وَإِن لم تكن وتثور أَسبَاب الْغَضَب وَالْغَضَب يرى أَكثر مِمَّا تريه الْحَال نَفسهَا وَيطْلب كل وَاحِد من صَاحبه وينتظر مثل مَا يَطْلُبهُ صَاحبه وينتظره وَيَنْتَهِي من الْعدَد وَكَثْرَة الْوُجُوه إِلَى حَيْثُ يتَعَذَّر دواؤه وَيَقَع الْإِيَاس مِنْهُ. والجوار أَيْضا سَبَب قوى لِأَنَّهُ شركَة مَا تبْعَث على تفقد الْأَحْوَال وتلقح الْحَسَد وَجَمِيع الْأَحْوَال الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي ذَوي الْأَرْحَام إِلَّا أَن هُنَاكَ عطفا مرجواً وإبقاء مَعْلُوما لَا يُوجد مثلهمَا فِي الْجوَار فالشر إِذا ثار مِنْهُ صرف والحسد فِيهِ مَحْض لَا مزاج للخير فِيهِ وَلَا دَاعِي إِلَى البقيا مَعَه.