التكرر الَّذِي لَا بُد فِيهِ من الْعدَد بِالْأولِ وَالثَّانِي وَالثَّالِث وَإِلَى حَيْثُ انْتهى الإحصاء. فَإِن نظر فِيهَا بِحَسب الْأَحْوَال وَنسب إِلَيْهَا أفعالاً وآثاراً ونظمها بِالْحِسَابِ - حدثت صور مُخْتَلفَة بِحَسب اخْتِلَاف الْأُمُور الْوَاقِعَة فِيهَا المنسوبة إِلَيْهَا. فَأَما الأكمه الَّذِي ذكرته فِي الْمَسْأَلَة فَإِن الفاقد حاسة من حواسه لَا يتَصَوَّر شَيْئا من محسوساته لِأَن التَّصَوُّر فِي النَّفس من كل محسوس إِنَّمَا يَقع بعد الإحساس بِهِ. وَذَلِكَ أَن هَذِه القوى من قوى النَّفس الَّتِي تَأْخُذ الْعُلُوم من الْحَواس إِنَّمَا ترقيها إِلَى قُوَّة التخيل عَن فَأَما إِذا فقد الْحس فَكيف يترقى المحسوس إِلَى قُوَّة التخيل فَبِحَق صَار الأكمه لَا يتخيل شَيْئا من الألوان وَلَا يتصوره. وَكَذَلِكَ إِن فقد فَاقِد حس الشم والسمع من مبدأ وِلَادَته لم يتخيل شَيْئا من محسوساتهما لما قدمْنَاهُ. وحَدثني بعض أهل التَّحْصِيل من المتفلسفين أَنه سَأَلَ رجلا أكمه: كَيفَ يتَصَوَّر الْبيَاض فَقَالَ: حُلْو. فَكَأَنَّهُ لما لم يجد صُورَة الْبيَاض فِي تخيله ردهَا إِلَى حاسة أُخْرَى هُوَ وَاجِد لمحسوسها فسماها بهَا وظنها إِيَّاهَا.
(مَسْأَلَة فِي حد الظُّلم)
مَا معنى قَول الشَّاعِر: - وَالظُّلم فِي خلق النُّفُوس فَإِن تَجِد ذَا عفه فلعلة لَا يظلم. وَمَا حد الظُّلم أَولا فَإِن الْمُتَكَلِّمين ينفكون فِي هَذِه المواضيع كثيرا وَلَا ينصفون شَيْئا وَكَأَنَّهُم فِي الْغَضَب وَالْخِصَام. وَسمعت فلَانا فِي وزارته يَقُول: أَنا أتلذذ