لِأَنَّهُ لَيْسَ من الْمَسْأَلَة فِي شَيْء وَإِن كَانَ الْكَلَام قد جر إِلَيْهِ وَلَكنَّا ندل على مَوْضِعه فليؤخذ من هُنَاكَ وَهُوَ كتب النَّفس. فقد تبين أَن الْعلم تصور النَّفس بِصُورَة الْمَعْلُوم والتصور تفعل من الصُّورَة. وَالْجهل هُوَ عدم الصُّورَة فَكيف يسْتَعْمل التفعل من الصُّورَة فِي عدم الصُّورَة هَذَا محَال.
(مَسْأَلَة طبيعية لم شَارك المعجب من نَفسه المتعجب مِنْهُ)
مِثَال ذَلِك: شَاعِر يفلق فِي قافية فيتعجب مِنْهُ السَّامع حسب مَا اقْتضى بديعه فالشاعر لم يتعجب أَيْضا وَهُوَ المتعجب مِنْهُ وَهَذَا نجده فِي النّظم والنثر وَالْجَوَاب وَالْكتاب والحساب والصناعة. وعَلى ذكر التَّعَجُّب مَا التَّعَجُّب وعَلى مَاذَا يدل فقد قَالَ نَاس فِيهِ كلَاما: قل لبَعض الْحُكَمَاء: مَا أعجب الْأَشْيَاء قَالَ: السَّمَاء بكوا كبها. وَقَالَ آخر: أعجب الْأَشْيَاء النَّار. وَقَالَ الآخر: أعجب الْأَشْيَاء لِسَان النَّاطِق. وَقَالَ الآخر: أعجب الْأَشْيَاء الْعقل اللَّاحِق. وَقَالَ الآخر: الشَّمْس.