ومتفاضلة فِي النُّطْق. وَبِهَذَا التَّفَاضُل صَار بَعْضهَا أقرب إِلَى الله - تَعَالَى - من بعض وَبِه أَيْضا صرنا - نَحن معاشر الْبشر - متفاضلين فِي التَّقَرُّب إِلَى الله - تَعَالَى - والبعد مِنْهُ ولأجله قيل: فلَان شَبيه بِملك وَفُلَان شَبيه بِشَيْطَان وبسببه قيل: فلَان عَدو الله وبسببه قيل: فلَان ولي الله وَفِي السب يُقَال: أبعد الله فلَانا ولعنه. وَقرب الله فلَانا وَأَدْنَاهُ. وَقد يُمكن أَن يثبت وجود الْمَلَائِكَة من طَرِيق آثارها وأفعالها الظَّاهِرَة فِي هَذَا الْعَالم. وَلَكِنِّي لما احتجت فِي ذَلِك إِلَى مُقَدمَات كَثِيرَة وَبسط للْكَلَام أخرج بِهِ عَن الشَّرْط الَّذِي شرطته فِي أول هَذِه الْمسَائِل اقتصرت على مَا ذكرته. وَهُوَ كَاف إِن شَاءَ الله.
(مَسْأَلَة)
وَسَأَلت - أيدك الله - عَن آلام الْأَطْفَال وَمن لَا عقل لَهُ من الْحَيَوَان وَعَن وَجه الْحِكْمَة فِيهِ الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: أما هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِنَّهَا تتَوَجَّه إِلَى من أثبت جَمِيع الْأَفْعَال الَّتِي لَيست للنَّاس منسوبة إِلَى الله - تَعَالَى - وَلم يعْتَرف بِأَفْعَال الطبيعة وَلَا أَفعَال الْأَشْيَاء الَّتِي هِيَ وسائط بَيْننَا وَبَين الله - تَعَالَى - فَإِن الْمُتَكَلِّمين كالمجمعين على أَن الْحَرَارَة والإحراق وَسَائِر أَفعَال الطبائع وَمَا ننسبه نَحن إِلَى الوسائط الَّتِي فوض الله إِلَيْهَا تَدْبِير عالمنا من الأفلاك وَالْكَوَاكِب كلهَا أَفعَال الله - تَعَالَى - بِلَا وَاسِطَة يتولاها بِذَاتِهِ. وَفِي مناقضة هَؤُلَاءِ الْقَوْم طول فَإِن أَحْبَبْت أَن أفرد لَهُ مقَالَة أَو كتابا فعلت. فَأَما من زعم أَن النَّار إِذا جَاوَزت النفط ألهبته وَإِذا جَاوَزت المَاء أسخنته وَكَذَلِكَ كل عنصر وركن وكل شُعَاع وَأثر ممتد من الْعُلُوّ إِلَى