وَذَلِكَ أَنه إِذا رأى حَالا تسرهُ عِنْد حُضُور زيد زعم أَن سَبَب ذَلِك الْحَال زيد. فَإِن اتّفق حُضُور زيد مرّة أُخْرَى واتفقت لَهُ حَال أُخْرَى سارة قوى ظَنّه وزادت بصيرته وَكَذَلِكَ تكون الْحَال فِي أَكثر أُمُور هَذَا الصِّنْف من النَّاس. لَا جرم أَنه مَتى انْتقض الْأَمر زَعَمُوا أَنه شَاذ. ولهذه الْحَال عرض كثير وَذَلِكَ أَنه رُبمَا مازج أسباباً صَحِيحَة كَمَا يحكم فِي الشتَاء أَنه يَجِيء مطر يَوْم كَذَا لِأَنَّهُ كَذَلِك اتّفق فِي الْعَام الْمَاضِي. فَلِأَن الْوَقْت شتاء رُبمَا اتّفق ذَلِك مرَارًا كَثِيرَة وَلَكِن لَيْسَ سَبَب الْمَطَر ذَلِك الْيَوْم بل لَهُ أَسبَاب أخر وَإِن اتّفق فِيهِ. فَأَما الرجل الفلسفي فَإِنَّهُ إِذا تشبه بِغَيْرِهِ أَو أَخذ مقدماته من مثل تِلْكَ الْمَوَاضِع عرض لَهُ - لَا محَالة - مَا عرض لغيره. وَلذَلِك وَجب أَن تنزل الْأُمُور منازلها فَمَا كَانَ مِنْهَا ذَا برهَان لم يتَغَيَّر وَلم ينْتَظر وُرُود ضد عَلَيْهِ وَلَا شكّ فِيهِ. وَإِذا كَانَ غير ذِي برهَان إِلَّا أَن لَهُ دَلِيلا مستمراً صَحِيحا سكن إِلَيْهِ وثق بِهِ. فَأَما مَا ينحط إِلَى الإقناعات الضعيفة فَيَنْبَغِي أَلا يسكن إِلَيْهِ وَلَا يوثق بِهِ وانتظر أَن ينْقضه شَيْء طارىء عَلَيْهِ وَلم يمْتَنع من الشكوك والاعتراضات عَلَيْهِ.
مَسْأَلَة
قَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين: قد علمنَا أَنه لَا يجوز أَن يتَّفق أَن يمس أهل محلّة لحاهم فِي سَاعَة وَاحِدَة وَفصل وَاحِد وَحَال وَاحِدَة. وَإِن