(مَسْأَلَة كَيفَ قوى الْوَهم على أَن ينقش فِي نفس الْإِنْسَان أوحش صُورَة وأمقت شكل)
وأقبح تخطيط وَلم يقو على أَن يصور أحسن صُورَة وألطف شكل وأملح تخطيط أَلا ترى أَن الْإِنْسَان كلما اعْترض فِي وهمه أوحش شَيْء عرته شمأزيزة وعلته قشعريرة ولحقه صدوف ورهقه نفور فَلَو قوى الْوَهم على تَصْوِير أحسن الْحسن تعلل بِهِ الْإِنْسَان عِنْد فرَاغ فَمَا هَذَا وَكَيف هَذَا وَلَا عجب فَلهَذَا الْإِنْسَان من هَذِه النَّفس وَالْعقل والطبيعة أُمُور تستنفد الْعجب وتحير الْقلب. جلّ من أودع هَذَا الْوِعَاء هَذِه الطرائف وَعرضه لهَذِهِ الغايات وزين ظَاهره وَحسن بَاطِنه وَصَرفه بَين امن وَخَوف وَعدل وحيف وحجبه فِي أَكثر ذَلِك عَن لم وَكَيف. الْجَواب: قَالَ أبوعلي مسكويه - رَحمَه الله: إِن الْحسن هُوَ صُورَة تَابِعَة لاعتدال المزاج وَصِحَّة مناسبات من الْأَعْضَاء بَعْضهَا إِلَى بعض فِي الشكل واللون وَسَائِر الهيئات. وَهَذِه حَال لَا يتَّفق اجْتِمَاع جَمِيع أَجْزَائِهَا على الصِّحَّة وَلذَلِك لَا تقوى الطبيعة نَفسهَا على اتخاذها فِي الهيولى على الْكَمَال لِأَن الْأَسْبَاب لَا تساعد عَلَيْهَا أَعنِي أَنه لَا يتَّفق فِي الهيولى والأشكال وَالصُّورَة والمزاج أَن تقبل الصُّورَة الْأَخِيرَة على غَايَة الصِّحَّة. فَإِذا كَانَت الطبيعة تعجز عَن إِيجَاد هَذَا الِاعْتِدَال وَهَذِه الْمُنَاسبَة الصَّحِيحَة الَّتِي يتبعهَا الْحسن التَّام فكم بالحرى