وَالنَّظَر الْحسي كلما اسْتعْمل كل وَضعف وَنقص أَثَره إِلَى أَن يضمحل. فَأَما الْفرق بَين الأمل والرجاء وَبَين الأمنية فَظَاهر وَذَاكَ أَن الأمل والرجاء يعلقان بالأمور الاختيارية وبالأشياء الَّتِي لَهَا هَذَا الْمَعْنى. فَأَما الأمنية فقد تتَعَلَّق بِمَا لَا اخْتِيَار لَهُ وَلَا روية فَإِنَّهُ لَيْسَ يمْنَع مَانع من تمنى الْمحَال والأشياء الَّتِي لَا تَمْيِيز فِيهَا وَلَا لَهَا. والأمل أخص بالمختار. والرجاء كَأَنَّهُ مُشْتَرك وَقد يَرْجُو الْإِنْسَان الْمَطَر وَالْخصب وَلَيْسَ يأمل إِلَّا من لَهُ قدرَة وروية. وَأما المنى فَهُوَ - كَمَا علمت - شَائِع فِي الْكل ذَاهِب كل مَذْهَب فقد يتَمَنَّى الْإِنْسَان أَن وَلَيْسَ يَرْجُو هَذَا وَلَا يأمله. ثمَّ قد يَرْجُو الْمَطَر وَلَيْسَ يأمل إِلَّا منزل الْقطر ومنشىء الْغَيْث. فَهَذِهِ فروق وَاضِحَة. فَأَما قَوْلك لم توَاصى النَّاس بقصر الأمل وَقطع الْأَمَانِي وَصرف الرَّجَاء إِلَّا فِي الله تَعَالَى فَأَقُول: لِأَن سَائِر الْأَشْيَاء المأمولة والمرجوة والمتمناة مُنْقَطِعَة المدد متناهية الْعدَد ثمَّ هِيَ متلاشية فِي أَنْفسهَا مضمحلة بائدة فَاسِدَة لَا يثبت شَيْء مِنْهَا على حَال لَحْظَة وَاحِدَة فَلَو وصل الْوَاصِل إِلَيْهَا وَبلغ نهمته مِنْهَا لَأَوْشَكَ ان يتلاشى ويضمحل ذَلِك الشَّيْء فِي نَفسه أَو يتلاشى ويضمحل الأمل فِيهِ أَو رجاؤه وتمنيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015