ووهبه للْإنْسَان ونتيقن أَيْضا أَن أخس الموجودات مَا لَا ثَمَرَة لَهُ وَلَا فَائِدَة فِي وجوده بِمَنْزِلَة اللَّغْو والعبث فَإِذن أجل الموجودات على هَذَا الحكم هُوَ أخس الموجودات. هَذَا خلف لَا يُمكن أَن يكون. فَلَيْسَ هَذَا الحكم بصادق فنقيضه هُوَ الصَّادِق.
(مَسْأَلَة لم حن بعض النَّاس إِلَى السّفر من لدن طفوليته إِلَى كهولته)
ومنذ صغره إِلَى كبره حَتَّى إِنَّه يعق الْوَالِدين ويشق الْخَافِقين صَابِرًا على وعثاء السّفر وذل الغربة ومهانة الخمول وَهُوَ يسمع قَول الشَّاعِر: إِن الْغَرِيب بِحَيْثُ مَا حطت ركائبه ذليل وَيَد الْغَرِيب قَصِيرَة وَلسَانه أبدا كليل وَآخر ينشأ فِي حضن أمه وعَلى عانق ظئره وَلَا ينْزع بِهِ حنين إِلَى بلد وَلَا يغلبه شوق إِلَى أحد كَأَنَّهُ حجر جبله أَو حَصَاة جدوله لَعَلَّك تَقول: مَوَاضِع الْكَوَاكِب ودرجة الطالع وشكل الْفلك اقْتَضَت لَهُ هَذِه الْأَحْوَال وقصرته على هَذِه الْأُمُور فَحِينَئِذٍ تكون الْمَسْأَلَة عَلَيْك فِي آثَار هَذِه النُّجُوم وتوزيعها هَذِه الْأَسْبَاب على مَا هِيَ عَلَيْهِ من ظَاهر التسخير - أَشد وتكلف الْجَواب عَنْهَا آكِد وأنكد. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: إِن قُوَّة النزاع إِلَى المحسوسات تَنْقَسِم بانقسام الْحَواس. وكما ان بعض المزاج تقوى فِيهِ حاسة الْبَصَر وَبَعضه تقوى فِيهِ حاسة السّمع فَكَذَلِك