(مَسْأَلَة لجواب أَن تفرد مَسْأَلَة الْجَبْر وَالِاخْتِيَار)
فَيُقَال: مَا الْجَبْر وَمَا الِاخْتِيَار وَمَا نسبتهما إِلَى الْعَالم وَكَيف انتسابهما وانتمائهما. اعني كَيفَ اخْتِلَافهمَا فِي ائتلاقهما وَذَلِكَ أَنَّك تجدهما فِي الْعَالم مضافين إِلَى اللَّذين يجمعُونَ بَين الْعقل والحس كَمَا تجدهما مضافين إِلَى اللَّذين ينفردون بالحس دون الْعقل. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: إِن الْإِنْسَان تصدر عَنهُ حركات وأفعال كَثِيرَة لَا يشبه بَعْضهَا بَعْضًا. وَذَلِكَ أَنه يظْهر مِنْهُ فعل من حَيْثُ هُوَ جسم طبيعي فيناسب فِيهِ الجماد. وَيظْهر مِنْهُ فعل آخر من حَيْثُ هُوَ نَام - مَعَ أَنه جسم طبيعي - فيناسب بذلك الْفِعْل النَّبَات. وَيظْهر مِنْهُ فعل آخر من حَيْثُ هُوَ ذُو نفس حساس فيناسب بذلك الْفِعْل الْبَهَائِم. وَيظْهر مِنْهُ فعل آخر من حَيْثُ هُوَ نَاطِق مُمَيّز فيناسب بذلك الْفِعْل الْمَلَائِكَة وَلكُل وَاحِد من هَذِه الْأَفْعَال والحركات الصادرة عَن الْإِنْسَان أَنْوَاع كَثِيرَة وإليها دواع وَلها أَسبَاب وَينظر أَيْضا فِيهَا من جِهَات مُخْتَلفَة وَتعرض لَهَا عوائق كَثِيرَة وموانع مُخْتَلفَة بَعْضهَا طبيعية وَبَعضهَا اتفاقية،